لفت ويليام كريستو إلى تحوّل أحمد الأحمد، المهاجر السوري المقيم في أستراليا، إلى رمز للشجاعة بعد أن خاطر بحياته وجرّد أحد مطلقي النار من سلاحه خلال الهجوم المسلح على شاطئ بونداي في سيدني. أشعلت لقطات الفيديو التي وثّقت لحظة اندفاعه نحو المهاجم موجة فخر واسعة في بلدته الأصلية النيرب، في ريف إدلب شمال غربي سوريا، حيث ينظر إليه الأهالي بوصفه مثالاً نادراً للبطولة الإنسانية.

 

تنقل صحيفة الجارديان أن صدى الحادثة وصل سريعاً إلى النيرب، البلدة الصغيرة التي دمّرتها الحرب السورية جزئياً. يتحدث الأقارب والجيران عن أحمد، البالغ من العمر 44 عاماً وأب لطفلين، باعتباره “مصدر فخر لسوريا”، بعدما واجه السلاح بجسده دفاعاً عن مدنيين لا يعرفهم.

 

بطولة على شاطئ بونداي

 

كان أحمد في بونداي يوم الأحد، يحاول شراء فنجان قهوة، عندما اندلع الهجوم خلال احتفال بعيد “حانوكا”. روى رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيزي أن أحمد وجد نفسه فجأة أمام مشهد إطلاق نار على مدنيين. تقدّم بحذر مستخدماً السيارات ساتراً، ثم اندفع نحو أحد المهاجمين، وانتزع منه البندقية، ووجّهها نحوه قبل أن يضع السلاح بجانب شجرة.

 

أسفر الهجوم عن مقتل 15 شخصاً، ونُسب إلى مسلحين اثنين، أب وابنه. أصيب أحمد برصاصتين خلال المواجهة، ونقل إلى المستشفى حيث واصل تلقي العلاج. رغم جراحه، حظي فعله بإشادة واسعة في أستراليا، واعتبره كثيرون مثالاً نادراً على الشجاعة الفردية في لحظة فوضى.

 

فخر في النيرب رغم الدمار

 

في النيرب، أصبح أحمد حديث البلدة. عاش كثير من أهلها سنوات تحت سيطرة فصائل معارضة خلال الحرب، ولا تزال آثار القصف واضحة على البيوت. يقف منزل أحمد مهدّماً، بسقف مثقوب ونوافذ وأبواب مفقودة، لكن قصته أعادت للبلدة شعوراً بالكرامة.

 

يقول عمه محمد، وهو مزارع في الستين من عمره، إنه عرف بما فعله ابن أخيه عبر وسائل التواصل الاجتماعي. يضيف أن ما قام به أحمد “بطولة خالصة”، بلا دافع سوى إنقاذ الأرواح. يكرر أقارب آخرون المعنى نفسه، معتبرين أن شجاعته كسرت الصور النمطية، وأظهرت وجهاً إنسانياً لسوري مسلم في لحظة عالمية مشحونة.

 

صدى عالمي ورسائل وحدة

 

توسّع صدى الحادثة خارج سوريا وأستراليا. تداول سوريون في الداخل والشتات مقاطع الفيديو بفخر، فيما زار رئيس الوزراء الأسترالي أحمد في المستشفى، وصافحه، واعتبر شجاعته “إلهاماً لكل الأستراليين”. أطلق متبرعون حملة تمويل طبي عبر الإنترنت تجاوزت تبرعاتها 2.3 مليون دولار، وانتشرت عالمياً.

 

في تسجيل مصوّر من داخل المستشفى، ظهر أحمد وهو يحيي أقاربه بالعربية، ويقول إنه مرّ بمرحلة صعبة، لكنه يحمد الله. حملت كلماته بساطة تشبه فعله: إنسان وجد نفسه أمام خيار أخلاقي حاسم، فاختار الفعل.

 

أكد ألبانيزي أن ما جرى يثبت أن التعايش، لا التطرف، يعكس جوهر المجتمع الأسترالي. شدد على أن وحدة المجتمع تبقى الرد الحقيقي على العنف والكراهية، وأن لا مكان لمعاداة السامية أو أي شكل من أشكال الحقد.

 

تقدّم قصة أحمد الأحمد، كما ترويها الجارديان، مثالاً نادراً على بطولة فردية عابرة للحدود. في زمن الأخبار القاتمة، تذكّر هذه الحكاية بأن شجاعة شخص واحد قادرة على إنقاذ أرواح، وإعادة تعريف صورة شعب بأكمله، ولو للحظة مضيئة وسط العتمة.

 

https://www.theguardian.com/world/2025/dec/16/syria-ahmed-al-ahmed-who-disarmed-bondi-shooter-lauded-in-home-town